المبحث الثاني: أهم أعمال سبنسر وإسهاماته في علم الاجتماع
المطلب الأول: أهم أعمال "سبنسر"
لاشك أن سبنسر أحد دعائم الفكر الاجتماعي العلمي في القرن التاسع عشر
وبالرغم من اتفاقه مع أوجست كونت في بعض الحقائق غير أنه لا يعترف بأن
كونت أسبق منه وصولا إليها وأهم أعمالة هي :
-1نشر أول بحث له في الفلسفة الاجتماعية بعنوان: {الاستقرار
الاجتماعي{Social statics من قبل أن يعرف تفصيلات تستحق الذكر من فلسفة
كونت .
-2كتب سبنسر مؤلف بعنوان (( مبادئ علم الاجتماع )) ندرك من خلاله أنه
يعتقد في روحة ليس في تفاصيل من كتاب ( كونت ) فلاشك أن كونت رسم الإطار
العام وأن سبنسر ملء هذا الإطار .
-3ولقد أراد سبنسر في كتابة (الاستاتيكا الاجتماعية) أن يوضح أن التقدم
سواء في مجال الكائنات العضوية أو المجتمع . إنما هو تطور من ظروف تؤدي
فيها الأجزاء المتشابهة وظائف متشابهة .
المطلب الثاني: إسهامات سبنسر في علم الاجتماع
كما قدم سبنسر بعد ذلك إسهامات بارزة في النظرية البيولوجية حيث تكلم عن تطور الكائن العضوي .
ومن أهم هذه الإسهامات التي قدمها سبنسر في مجال علم الاجتماع:
۱- المماثلة البيولوجية . ۲- المجتمع ومراحل التطور .
أـ المماثلة البيولوجية :
إذا كان المبدأ التطوري هو أساس نظرية سبنسر في علم الاجتماع لكنه مع ذلك
قدم مبدأ ثانويا أخر لعب دروا رئيسيا في نسقه الفكري , ذلك هو المماثلة
العضوية البيولوجية.
فقد لاحظ عديدا من أوجه التشابه بين الكائنات الاجتماعية و الكائنات العضوية على نحو سبنسر التالي:
-1يتميز كل من المجتمع والكائنات العضوية عن المادة غير العضوية بالنمو
الواضح خلال الشطر الأكبر من وجودهما مثال الرضيع ينمو حتى يصبح رجلا
والمجتمع الصغير يصبح منطقة متروبوليتارية والدولة الصغيرة تصبح
إمبراطورية .
-2تنمو كل من المجتمعات والكائنات العضوية وتتطور في الحجم ، كما أنها
تنمو في درجة تعقدها البنائي . ويقصد بذلك أن الكائنات البدائية بسيطة
والكائنات العليا معقدة وكذا المجتمعات .
-3يؤدي التطور سواء في المجتمعات أو الكائنات العضوية إلى تباينات في البناء والوظيفة ، وكل منهما يجعل الآخر ممكنا .
-4يصاحب التفاضل أو التمايز التقدمي في البناء سواء في المجتمعات أو
الكائنات العضوية تمايز تقدمي في الوظائف . وهذه قضية من قبيل اللغو. فكل
عضو يؤدي وظيفة محددة لمركب الكائن العضوي ، كما أن التنظيمات المختلفة
تؤدي وظائف مختلفة في المجتمع الذي ينقسم إلى مثل هذه التنظيمات .
ولقد أدرك "سبنسر" أن هناك فروقا هامة بين المجتمعات والكائنات الحية
يتمثل الفرق الأول في أن أعضاء الكائن الحي تكون كلا ملموسا ، أما أجزاء
المجتمع فحرة الدعائم ومشتتة بدرجات متفاوتة .
أما الفرق الثاني يتمثل في أن الوعي أو الشعور يتركز في جزء صغير من كل كائن حي بينما هو ينتشر في الأعضاء والأفراد في المجتمع .
أما الفرق الثالث في أن أعضاء الكائن الحي إنما توجد لتحقيق الفائدة للكل بينما يوجد المجتمع لمجرد تحقيق الفائدة لأعضائه الفرديين .
ويرى سبنسر أن المجتمع ليس كائنا عضويا طالما أن هناك فروقا جوهرية بينه وبين الكائن العضوي.
وأكد أن المماثلة البيولوجية ماهي إلا معبرا أو صقالة لإقامة إطار متماسك من الاستقرار السوسيولوجي .
ويقول إذا مانزعنا هذا المعبر قامت الاستقراءات بذاتها .
المطلب الثالث: المجتمع ومراحل تطوره
ينطوي عمل سبنسر على خطين من التبرير حول تقدم وتطور المجتمع أو التطور
الاجتماعي ويرتبط واحد منهما منطقا بمفهومه الأساس عن التطور ارتباطا أكثر
فاعلية من الآخر .
-1الخط الأول: يطور من التبرير موضوعا مؤداه أن الحقيقة الرئيسية للتطور
تتمثل في الحركة من المجتمعات البسيطة إلى المستويات المختلفة من
المجتمعات المركبة . فالمجتمع المركب انبثق عن المجتمع البسيط . ومركب
المركب عن المركب . ويتكون المجتمع البسيط من الأسرة ، أما المركب يتكون
من أسر تتحد في العشائر , ويتكون مركب المركب ( كمجتمعاتنا ) من قبائل
تتحد في أمم أو دول .
-2الخط الثاني : فهو ينطوي على اتجاه مؤداه أن نماذج من التطور مختلفة إلى
حد ما تجرى . وعلى وجه التخصيص يحدث تحولا من المجتمع العسكري إلى المجتمع
الصناعي ويتميز كل من النموذجين عن الآخر . فالتعاون الإجباري يشيع في
المجتمع العسكري بينما يسود التعاون الاختياري في المجتمع الصناعي .
وأوضح سبنسر أنه ليست هناك ضرورة ملحة لتحول المجتمعات خلال مراحل التطور
المحددة . كما أن كل مجتمع لا يشبه الأخر تماما فهناك فروقا بين المجتمعات
ترجع إلى الاضطرابات التي تتدخل في خط التطور المستقيم .
هذا عرضا عام موجزا لأراء ( سبنسر ) الاجتماعية . ولاشك أن له دورا هاما
في تطور الفكر الاجتماعي . غير أن الإسراف في اتجاهاته البيولوجية قللت من
قيمة أعماله.