ahmed12 عضو مميز
عدد المساهمات : 184 تاريخ التسجيل : 18/06/2008 نقاط : 60165
| موضوع: تفسير الآية: وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ الثلاثاء مارس 17, 2009 5:36 am | |
| :king: بسم الله الرحمان الرحيم « أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ » (41)
يشير قوله: « أ لم تر أن الله يسبح له من في السماوات و الأرض و الطير صافات كل قد علم صلاته و تسبيحه» و به يحتج تعالى على كونه نور السماوات و الأرض لأن النور هو ما يظهر به الشيء المستنير ثم يدل بظهوره على مظهره، و هو تعالى يظهر و يوجد بإظهاره و إيجاده الأشياء ثم يدل على ظهوره و وجوده.
و تزيد الآية بالإشارة إلى لطائف يكمل بها البيان: منها: اختصاصها من في السماوات و الأرض و الطير صافات و هم العقلاء و بعض ذوات الروح بالذكر مع عموم التسبيح لغيرهم لقوله: « و إن من شيء إلا يسبح بحمده ».
و لعل ذلك من باب اختيار أمور من أعاجيب الخلقة للذكر فإن ظهور الموجود العاقل الذي يدل عليه لفظ «من في السماوات و الأرض» من عجيب أمر الخلقة الذي يدهش لب ذي اللب، كما أن صفيف الطير الصافات في الجو من أعجب ما يرى من أعمال الحيوان ذي الشعور و أبدعه.
و يظهر من بعضهم أن المراد بقوله: « من في السماوات » إلخ، جميع الأشياء و إنما عبر بلفظ أولي العقل لكون التسبيح المنسوب إليها من شئون أولي العقل أو للتنبيه على قوة تلك الدلالة و وضوح تلك الإشارة تنزيلا للسان الحال منزلة المقال.
و فيه أنه لا يلائم إسناد العلم إليها في قوله بعد: « كل قد علم صلاته و تسبيحه ».
و منها: تصدير الكلام بقوله: « أ لم تر» و فيه دلالة على ظهور تسبيحهم و وضوح دلالتهم على التنزيه بحيث لا يرتاب فيه ذو ريب فكثيرا ما يعبر ع ن العلم الجازم بالرؤية كما في قوله تعالى: « أ لم تر أن الله خلق السماوات و الأرض »: إبراهيم: 19، و الخطاب فيه عام لكل ذي عقل و إن كان خاصا بحسب اللفظ.
و من الممكن أن يكون خطابا خاصا بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و قد كان أراه الله تسبيح من في السماوات و الأرض و الطير صافات فيما أراه من ملكوت السماوات و الأرض و ليس ببدع منه (صلى الله عليه وآله وسلم) و قد رأى الناس تسبيح الحصاة في كفه كما وردت به الأخبار المعتبرة.
و منها: أن الآية تعمم العلم لكل ما ذكر في السماوات و الأرض و الطير، و قد تقدم بعض البحث عنه في تفسير قوله: « و إن من شيء إلا يسبح بحمده و لكن لا تفقهون تسبيحهم »: الإسراء: 44، و ستجيء تتمة الكلام فيه في تفسير سورة حم السجدة إن شاء الله.
و قول بعضهم: إن الضمير في قوله: « قد علم » راجع إليه تعالى، يدفعه عدم ملائمته للسياق و خاصة لقوله بعده: « و الله عليم بما يفعلون » و نظيره قول آخرين: إن إسناد العلم إلى مجموع ما تقدم من المجاز بتنزيل غير العالم منزلة العالم لقوة دلالته على تسبيحه و تنزيهه.
و منها: تخصيصها التسبيح بالذكر مع أن الأشياء تشير إلى صفات كماله تعالى و هو التحميد كما تسبحه على ما يدل عليه البرهان و يؤيده قوله: « و إن من شيء إلا يسبح بحمده » و لعل الوجه فيه كون الآيات مسوقة للتوحيد و نفي الشركاء و ذلك بالتنزيه أمس فإن من يدعو من دون الله إلها آخر أو يركن إلى غيره نوعا من الركون إنما يكفر بإثبات خصوصية وجود ذلك الشيء للإله تعالى فنفيه إنما يتأتى بالتنزيه دون التحميد فافهمه.
و أما قوله: « كل قد علم صلاته و تسبيحه » فصلاته دعاؤه و الدعاء توجيه من الداعي للمدعو إلى حاجته ففيه دلالة على حاجة عند الداعي المدعو في غنى عنها فهو أقرب إلى الدلالة على التنزيه منه على الثناء و التحميد.
و منها: أن الآية تنسب التسبيح و العلم به إلى من في السماوات و الأرض فيعم المؤمن و الكافر، و يظهر بذلك أن هناك نورين: نور عام يعم الأشياء و المؤمن و الكافر فيه سواء، و إلى ذلك تشير آيات كآية الذر: «و أشهدهم على أنفسهم أ لست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين »: الأعراف: 172، و قوله: « فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد »: ق: 22 إلى غير ذلك، و نور خاص و هو الذي تذكره الآيات و يختص بأوليائه من المؤمنين.
فالنور الذي ينور تعالى به خلقه كالرحمة التي يرحمهم بها قسمان: عام و خاص و قد قال تعالى: «و رحمتي وسعت كل شيء »: الأعراف: 156، و قوله: « فأما الذين آمنوا و عملوا الصالحات فيدخلهم ربهم في رحمته »: الجاثية: 30، و قد جمع بينهما في قوله: « يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و آمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته و يجعل لكم نورا »: الحديد: 28، و ما ذكر فيه من النور هو النور على نور بحذاء الثاني من كفلي الرحمة.
و قوله: « و الله عليم بما يفعلون » و من فعلهم تسبيحهم له سبحانه، و هذا التسبيح و إن كان في بعض المراحل هو نفس وجودهم لكن صدق اسم التسبيح يجوز أن يعد فعلا لهم بهذه العناية.
و في ذكر علمه تعالى بما يفعلون عقيب ذكر تسبيحهم ترغيب للمؤمنين و شكر لهم بأن ربهم يعلم ذلك منهم و سيجزيهم جزاء حسنا، و إيذان بتمام الحجة على الكافرين، فإن من مراتب علمه تعالى كتب الأعمال و الكتاب المبين التي تثبت فيها أعمالهم فيثبت فيها تسبيحهم بوجودهم ثم إنكارهم بألسنتهم.
المصدر: تفسير جامع البيان للإمام الطبري | |
|
fenaks الادارة
عدد المساهمات : 1028 تاريخ التسجيل : 02/02/2008 نقاط : 62873
| موضوع: رد: تفسير الآية: وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ الجمعة أبريل 24, 2009 8:40 am | |
| | |
|