fenaks الادارة
عدد المساهمات : 1028 تاريخ التسجيل : 02/02/2008 نقاط : 62913
| موضوع: وما خفي كان أعظم الخميس مايو 13, 2010 4:44 pm | |
| إذا كانت العشرية الأخيرة من القرن الماضي في الجزائر توصف بأنها عشرية الدم أو العشرية السوداء أو الحمراء فإنه يصعب كثيرا وربما يستحيل إيجاد الوصف الملائم للعشرية الحالية أو العشرية الأولى من القرن الواحد والعشرين أو العشرية الأولى من الألفية الثالثة لأن البلاد دخلت خلالها في الفوضى العارمة التي مست كل شيء وتلاشى فيها ما تركته العشرية الأولى من بقايا الدولة والسياسة والاجتماع.. وأصبحت أشبه بالغابة، أو هي الغابة، التي يحكمها قانون الغاب لا غير.
وإذا كانت العشرية الماضية قد تميزت بسفك دماء الجزائريين بلا حدود أو قيود، فإن هذه العشرية التي تشارف على الانتهاء قد تميزت بالتفنن في امتصاص ما بقي في العروق من هذه الدماء بشتى الطرق والأساليب الهمجية التي لم يعرفها بلد من البلدان ولا شعب من الشعوب من قبل..إنها عشرية الفساد الشامل والرشوة المتفشية والبيروقراطية المدمرة، والاختلاسات بالجملة والتفصيل من التراث الوطني والأموال العمومية وحتى الخاصة.
فقد صار الجزائري لا يصبح ولا يمسي إلا على أخبار وقصص النهب الذي طال كل شيء، من المال العام إلى كل ما يمكن أن يباع ويشترى حتى ولو كان من أعز ما يملك المجتمع والدولة ومنها التراث الأثري والبيئي والعقاري الذي أصبح محل مضاربات ومقايضات واسعة النطاق في الحملات الانتخابية بين »الساسة« من جهة، ومافيا العقار والبناء وشذاذ الآفاق وأثرياء الحرب من جهة أخرى، حيث اهتدى هؤلاء بتواطؤ وتعامل من بعض أجهزة الدولة النافذة إلى حيلة تمويل الحملات الانتخابية لمترشحي النظام مقابل الاستحواذ على ما يريدون من هذا التراث بدون مقابل أو مقابل السنتيم الرمزي في أسوأ الأحوال، وقد رسخت معالم هذه السنة مع الانتخابات الرئاسية لسنة 1995 وهي مستمرة حتى الآن حتى أصبح لا يتوفر للبلاد ما تقيم عليه المرافق العامة من مصحات ومدارس أو طرقات أو بنايات سكنية عمومية، ناهيك عن الساحات العامة والمساحات الخضراء...
وبالنسبة لنهب واختلاس الأموال العامة من الشركات والهيئات والمؤسسات العمومية وتحويلها إلى الخارج في الشكائر والحقائب على مرأى ومسمع من المفترض فيهم أن يكونوا حماتها، فلم نعد نسمع عن وقائعها إلا بعض الأجانب المشفقين على حال الجزائر أكثر من أبنائها، مثلما كان الأمر بالنسبة لمصالح الجمارك الإسبانية التي تكرمت بالإبلاغ عن عمليات واسعة النطاق لتهريب الأموال بمئات الملايين من الدولارات واليوروات من الجزائر إلى إسبانيا في ظرف أشهر قليلة.. وهذا غيض من فيض لأن ما يهرب إلى فرنسا سنويا من عشرات الملايير من الدولارات لا يمكن التصريح به، باعتبار أن فرنسا تجعل من تبييض الأموال الجزائرية عندها من طرف اللصوص الجزائريين جزءا من سياستها القاضية بوضع يدها على الجزائر وأموال الجزائر.
وإذا كانت العشريتان السابقتان قد مرتا على هذا النحو دون أن تكون ثمة إمكانية للتخلص من آثارهما المدمرة لكل شيء، فكيف ستكون آثار العشرية القادمة التي لم تعد تفصلنا عنها سوى أشهر معدودات؟.
| |
|