الملف الاثري

المـــلف الأثــري

تعريف الملف الأثري: هو مجموع الوثائق التي يجمعها الأثري قبل و أثناء و بعد أي دراسة أثرية لمنطقة أو موقع ما (مسح أثري prospection archéologique ، حفرية أو دراسة مجموعات متحفية) حيث يساعد عالم الآثار على فهم الموقع و المنطقة الأثرية كما يسهل مهمة البحث الأثري و كتابة التقارير الأثرية. و يعتبر من شروط الحفرية العلمية المبرمجة fouille programmée و الحفرية الوقائية fouille préventive .

الفائدة من تكوين الملف الأثري:

* تحديد الإطار الجغرافي للمنطقة أو الموقع الأثري فمثلا خلال بعثات المسح الأثري تفيد معرفة الخصائص الجغرافية في التركيز على المواضع التي تتوفر فيها شروط الاستيطان البشري (الماء، الحماية الطبيعية...) و بالتالي ربح الوقت.
* معرفة الإطار التاريخي للمنطقة أو الموقع و ذلك قصد تحديد الحضارات التي تعاقبت بعين المكان و هي معطيات تفيدنا أثناء الحفرية في تحديد الانتماء الحضاري للمعثورات الأثرية و فهم طباقية الموقع بشكل أفضل كما تسمح لنا بالتفطن إلى الحضارات غير المشار إليها في المصادر أو العكس الفترات التي لم تخلف دلائل مادية.
* الإلمام بنتائج الدراسات الأثرية السابقة قصد إعطاء الوجهة الصحيحة للدراسة الأثرية و تفادي الأخطاء التي تكون قد وقعت فيها البعثات السابقة كما تسمح هذه المعطيات بتحديد مجالات البحث التي لازالت بحاجة إلى دراسة و عدم تضييع الوقت في تكرار نفس الدراسات.
* تكوين أرشيف للمعطيات المستقاة من الحفرية أو من المسح الأثري يكون مرجعا للدراسات اللاحقة بحيث تكون معطيات الملف الأثري أكثر شمولية و دقة من التقرير الأثري المنبثق عنه.



على ماذا يحتوي الملف الأثري؟

أ - قبل البعثة: و هي كل الوثائق التي تساعد الأثري على الشروع في الدراسة الأثرية:

1. الجزء الإداري: و يتمثل في كل الوثائق الرسمية التي تسهل مهمة الأثري في أرض الميدان من حيث التعامل مع السلطات العمومية و الأمنية و كذا الملاك الخواص و يمكن حصر أهم الوثائق الإدارية في:

رخصة المسح أو التنقيب أو الدراسة من الهيئة المكلفة بوزارة الثقافة (بالنسبة للجزائر)

تكليف بمهمة من المؤسسة الوصية (الجامعة، مركز بحث، الوكالة الوطنية للآثار)
الاتفاقيات مع مالك أو مسيّر الأرض من المؤسسات العامة (الحظائر الوطنية و المتاحف) أو من الخواص (الأراضي الزراعية)

2. الجزء التوثيقي: و هي الوثائق التي تساعد الأثري على تكوين فكرة عن المنطقة و ماضيها الحضاري و قيمتها الأثرية حتى يتسنى له فهم المكتشفات الأثرية بالشكل الصحيح و اختيار المنهجية المناسبة للعمل و تفادي الأخطاء قدر الإمكان كما يعد إحدى وسائل اختيار نطاق الحفرية أو امتداد المسح. يضم الجزء التوثيقي عادة:

المراجع الخاصة بجغرافية و تاريخ المنطقة و التي تنبؤنا بخصائص مورفولوجية المنطقة (التضاريس، الموارد المائية و غيرها) كما تعرّف على مراحل الاستيطان البشري التي مرّت بها المنطقة و عن المصادر الكتابية التي تحدثت عنها

المصادر التي تحدثت عن المنطقة المراد إجراء دراسة أثرية فيها و التي تخبرنا عن النسيج العمراني القديم و الحضارات المتعاقبة بها
تقارير الأبحاث الأثرية السابقة بالمنطقة أو الموقع حتى نتفادى المواضع التي سبق التنقيب فيها و التي تكون الطباقية stratigraphie فيها خاطئة نظرا لتدمير طبقات الإسكان من طرف الأثريين كما تساعدنا معرفة أعمال الأثريين الذين سبقونا على التعرف على المشكلات الأثرية التي يطرحها الموقع و صعوبات التنقيب فيه و في حالة بعثة مسح أثري يساعدنا على معرفة المواقع الأثرية التي تمّ الكشف عنها من قبل قصد التركيز على المناطق التي تقل عنها المعطيات الأثرية.
بطاقات تقنية عن المقتنيات المتحفية التي جلبت من المنطقة و التي تؤكد أو تكمل المعطيات الناتجة عن البحث في المصادر و المراجع و تقارير البحث السابقة و ربما تساعد على فهم التقارير الجزئية أو الغامضة.
الخرائط بأنواعها: طوبوغرافية، جيولوجية، أثرية حيث تخبرنا الخريطة الطوبوغرافية عن طبيعة التضاريس بالمنطقة و الشبكة الهيدروغرافية بالإضافة إلى تحديد الإحداثيات الجغرافية للآثار .تفيدنا الخريطة الجيولوجية في التعرف على الموارد الطبيعية للمنطقة و التي يكون قد استغلها الإنسان القديم و هذا ما يساعدنا على تحديد مصادر المادة الأولية للمخلفات المادية المكتشفة خلال الحفرية أو المسح الأثري كما تحدد الخريطة الجيولوجية طبيعة الصخرة الأم التي نتوقف عندها عن الحفر خلال القيام بالحفرية و عند انجاز المجسات الإختبارية. أما الخريطة الأثرية فنجد فيها توزع المواقع الأثرية المعروفة بالمنطقة مع إعطاء فكرة عن توزع بعض الخصائص للمواقع الأثرية.
الصور الجوية وصور القمر الاصطناعي و تعتبر من أحدث وسائل الكشف عن الآثار و التعرف على الظواهر الطبيعية و البشرية التي قد لا تكون واضحة على الخريطة الطوبوغرافية. و تستعمل هذه الصور في بعثات المسح الأثري على الخصوص حيث تسمح بالتفطن إلى الآثار غير البارزة على سطح الأرض من خلال تتبع أدلة معينة على الصورة (مواقع الظل، الأدلة النباتية و الهيدروغرافية) . كما يمكن استعمالها في الحفريات من أجل التعرف على الامتداد الحقيقي للموقع و علاقته مع محيطه الطبيعي و البشري.



ب- أثناء البعثة:

و تتمثل في المعطيات التي يتم جمعها أثناء الحفرية أو المسح الأثري مثل:

* مخططات المباني الأثرية plan des structures
* مخططات توزع اللقى الأثرية أفقيا في الموقع طبقة بطبقة، مربع بمربع répartition spatiale des objets
* مخططات الطباقية للموقع stratigraphie
* رسومات اللقى الأثرية بمختلف المقاييس
* كل الصوّر الملتقطة اثناء الحفرية مرفقة بسلم رسم مناسب (تفاصيل المباني، الطباقية، اللقى الأثرية، الآثار المندثرة )
* دفاتر الحفرية التي تتضمن كل الملاحظات و المعطيات التي دوّنها أعضاء الحفرية أو بعثة المسح




ج- بعد البعثة:

و هي كل المعطيات الناتجة عن الدراسة المخبرية و تضم عادة:

* جرد لكل الأثار المكتشفة اثناء الحفرية أو المسح مصنفة حسب طبيعتها (فخار، مسكوكات، حلي ...) و حسب الطبقات التي وجدت فيها.
* نتائج التحاليل الكيميائية و الدراسات الرسوبية و التأريخ المطلق.
* الخريطة الأثرية للمنطقة في حالة بعثة مسح أثري.



يعتبر الملف الأثري اللبنة الأساسية للتقرير الأثري و كل المنشورات المنبثقة عن دراسة أثرية. و هو من أهم الوثائق التي يحتفظ بها رؤساء بعثات الحفر و المسح كما يعتبر ملفا كاملا يحتج به الأثري لدى السلطات المسؤولة عن الآثار من أجل تثمين أعماله الميدانية و الحصول على الترخيص بالمواصلة